وهذا المقصود من كون الحفظ أحد مفاتح التدبر لأنه متى كانت الآية محفوظة فتكون حاضرة ويتم تنزيلها على النوازل والمواقف التي تمر بالشخص في الحياة اليومية بشكل سريع ومباشر، أما إذا كان القرآن في الرفوف فقط فكيف يمكن لنا أن نطبقه على حياتنا ؟
توضيح أثر الحفظ على الفهم والتدبر :
إن علاج أي مشكلة له ثلاث صور :
الأولى : المعالجة الذهنية المجردة. الشفهية. من غير تحرير ولا ترتيب للحلول.
الثانية : المعالجة المكتوبة المحررة المرتبة.
الثالثة : المعالجة الذهنية لشئ مكتوب مسبقا ومحررا بمعنى حفظ ما تم التوصل إليه في علاج المشكلة كتابيا.
والصورة الثالثة هي أقواها تليها الثانية ثم الأولى،
وحفظ القرآن وتكرار قراءته هو من النوع الثالث فترديد الآية والتفكر فيها وهي محفوظة أفضل من تكرارها نظرا لأن مفعول الطريقة الأولى يستمر بينما الثانية يقف عند إغلاق المصحف.
المطلب الخامس : تكرار الآيات
إن الهدف من التكرار هو التوقف لاستحضار المعاني، وكلما كثر التكرار كلما زادت المعاني التي تفهم من النص.
والتكرار - أيضا - قد يحصل لا إراديا تعظيما أو إعجابا بما قرأ وهذا مشاهد في واقع الناس حينما يعجب أحدهم بجملة أو قصة فإنه يكثر من تكرارها على نفسه أو غيره.
التكرار : نتيجة وثمرة للفهم والتدبر. وهو أيضا وسيلة إليه حينما لا يوجد
قال ابن مسعود :" لا تهذوه هذ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل، قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة "(١١٣)
و قال أبو ذر _ قام النبي ' بآية حتى أصبح يرددها ﴿إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [(١١٨) سورة المائدة] " (١١٤)