إن إدارك ووعي الناس لآيات القرآن يتفاوت تفاوتا كبيرا مع أن الآية هي الآية يقرؤها هذا ويقرؤها هذا وإن ما بينهما في عمق فهم الآية أو الجملة كما بين المشرقين. تجد مثلا اثنين يسمعان الكلمة نفسها الأول يبكي والثاني يضحك ! لماذا ؟
مثال:
كلمة النار، الرجل الصالح المؤمن يبكي ويقشعر جلدة خوفا من عذاب الله، والغافل يضحك لأن هذه الكلمة تذكره بالشواء والمرح واللهو لا يفهم منها إلا هذا ؟
المطلب السابع : الترتيل
الترتيل يعني الترسل والتمهل ومن ذلك مراعاة المقاطع والمبادئ وتمام المعنى بحيث يكون القارئ متفكرا فيما يقرأ، قال الحسن البصري : يا ابن آدم كيف يرق قلبك وإنما همتك آخر السورة " (١٢٣) وقد أنكر ابن مسعود على نهيك بن سنان سرعته في القراءة حين قال : قرأت المفصل البارحة فقال عبد لله _ : هذا كهذ الشعر إنا قد سمعنا القراءة وإني لأحفظ القرناء التي يقرأ بهن النبي '.(١٢٤)، وقال ابن مسعود لعلقمة -وقد عجل في القراءة -: " فداك أبي وأمي رتل فإنه زين القرآن " (١٢٥) قال ابن مفلح : أقل الترتيل ترك العجلة في القرآن عن الإبانة وأكمله أن يرتل القراءة ويتوقف فيها "(١٢٦)
وصفة قراءة القرآن التي نقلت إلينا عن النبي ' وصحابته رضوان الله عليهم تدل على أهمية الترسل وتزيين الصوت بالقراءة، فمن ينظر إلى أي كتاب في التجويد يدرك هذه الحقيقة بجلاء ووضوح ولم ينقل ذلك إلا للقرآن فالأحاديث ولخطب والمواعظ لم ينقل فيها شئ من ذلك، وإنه لفرق كبير في التمهل والتأني بين من يطبق أحكام التجويد ومن لا يطبقها بل يهذ القراءة هذّاً
أخرج مسلم عن حذيفة _ قال : صليت مع النبي ' ذات ليلة فافتتح البقرة فقرأها ثم النساء فقرأها ثم آل عمران فقرأها يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ " (١٢٧)
وإذا تعارض مقدار القراءة مع صفتها قدمت الصفة :


الصفحة التالية
Icon