كنت أحاول كتابة تفسير تربوي يركز في مضمونه على ما يقوي الإيمان ويزيد الخشوع دون استطراد أو خروج عن هذا المسار، ولكن بعد أن بدأت بالاشتراك مع الأخ الدكتور إبراهيم بن سعيد الدوسري بوضع منهج لهذا التفسير وتمت كتابة المرحلة النظرية للبحث وبعد محاولة كتابة القسم التطبيقي له تبين لي أني مهما كتبت أوكتب غيري في هذا الميدان فلن يحقق المطلوب، والصواب في هذا الأمر أن كل إنسان لا بد أن يغرف من المصب الرئيس وأن ينهل من النبع مباشرة دون أية واسطة بينه وبينه تبعده عن المقصود (٣)، فتبين أن ما أبحث عنه هو منهج وقواعد لفهم القرآن الكريم مباشرة والتأثر ولانتفاع به، فتأملت حال السلف رحمهم الله في هذا الأمر ودرست منهجهم في تعاملهم معه وقارنت بين حالنا وحالهم فكانت مادة هذا البحث ومحتواه، والله الموفق والهادي إلى سواء الصراط.
محور البحث ومشكلته
نحن نؤمن ونصدق بقول الله تعالى :﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [(٢١) سورة الحشر]، ونقرأ قول الله تعالى :﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ [(٢٣) سورة الزمر] وقوله تعالى :﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [(١٢٤) سورة التوبة]
فهذا هو القرآن، ونحن نقرؤه، ولكن ما أخبر الله تعالى عنه من تأثير فإننا لا نجده !! فلماذا ؟


الصفحة التالية
Icon