نكمل الحديث عن مثال سورة العنكبوت بأثر فهم مقصد أو موضوع السورة على العلم بالتفسير، فذكر جل وعلا النهي عن مجادلة أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن، لكن ممن؟ ممن هو عالم بالقرآن فقال (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ولهذا من لم يعلم القرآن، وحجج القرآن، وبينات القرآن، والبراهين التي في القرآن، وكيف جاء في القرآن الحوار مع الملحد ومع المتجبر ومع الطاغوت ومع الناس بجميع أصنافهم، من لم يعلم ذلك فإنه لا يصلح للحوار، فليس كل أحد يحاور برأيه وبفكره، وإنما الحوار للعلماء، الحوار كما يسمى أو المجادلة كما في القرآن، هذه إنما هي لأهل العلم الذين يعلمون حدود ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم. فإذن تقع الفتنة؛ الفتنة بالمجادلة، يقول له جادلني، ليش أنت ما تجادل؟ ويبدأ يبقى أحدهم في الجدال والحوار ويبحثون القضايا، هذا نوع افتتان للعامة، فإذن لابد هنا أن ينظر المرء في هذه الحال؛ أن يكون معتزا بدينه، وأن يعلم أن القرآن هو الحق، وأنه الذي كان في صدره فهو الذي على الحق؛ لأنّ القرآن حجة ماضية على الجميع،... ولهذا قد يكون المرء لا يعلم بعض الحجج، فإذا كان كذلك فإنه يقول كما قال الله جل وعلا (وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) وهذا المجادلة الإجمالية ثم التفصيل عند من يعلم القرآن ويعلم الشريعة.


الصفحة التالية
Icon