أنا ما قلت هذا، أنا الذي قلته، أنا لم أقل إن المعنى أو المقصد يستخرج بالاستقراء الجزئي، وإنما قلت يستخرج بالاستقراء التام أو الأغلبي، أما الاستقراء الجزئي فليس بحجة، والاستقراء الجزئي هو الذي يقع فيه الناس اليوم، وليس جزئيا قد يكون استقراء لحالتين ثم يحكم، يقول والله كل الناس كذا وكذا، كل الموضوع، كم نظر في الكتاب ؟ نظر صفحتين، كم درس من حالات الناس؟ شاف له حالة حالتين وقال كل الناس وقعوا في كذا، الاستقراء حجة إذا كان كليا أو أغلبيا، ولا يجوز للمسلم أيضا أن يقفو ما ليس له به علم، وأن يقول والله يعمل قضية كلية وهو لا يعرف إلا حالة أو حالتين، وهذا خلاف حتى المنهجية الصحيحة في التفكير، وإذا وجدت في المرء الخلل في المنهجية حتى في رؤية الأشياء يقع من ذلك منهجيته في العلم؛ يكون تصوره للعلم غير صحيح؛ لأنه أصلا يتصور الأشياء باستقراء جزئي، يسرع في الحكم، ويسرع في تقييم الأشياء بما يسمع أو بحالة حالتين يجعلها قضية كلية.
إذن تعقيبا على السؤال إنما ذكرنا أنه يدرس الاستقراء الكلي أو الأغلبي، وعلماء الأصول بحثوا هذا، قالوا أن الاستقراء الكلي أو الأغلبي حجة، الاستقراء الكلي والأغلبي ممن؟ ليس من كل مسلم بل من عالم بالتفسير، والعالم بالتفسير هو الذي عنده العلوم التي ذكرنا، هذا في الغالب لا يخطئ، لهذا العلماء ذكروا أشياء من مقاصد السور، داروا فيها حول استقرائهم وتدبرهم وقراءتهم للسورة أكثر من مرة مع علمهم بالتفسير فاستخرجوا مقصدا وموضوعا ثم فصلوا في ذلك. نعم
٢/ لما ذا لا نقول بترجيح قول من قال أن لكل سورة مقصدا، وأن بين كل آية وآية تناسبا على الإطلاق؛ لأن ذلك يدل على كمال القرآن وإعجازه، ولكن نقيد هذا القول بنقطتين:
الأولى: أنه ليس لكل أحد أن يُلِمَّ بجميع المقاصد والمناسبات، فقد يعلم بعضا ويجهل بعضا.
والثانية: نقيده بعدم الجزم بالمقصد والمناسبة بل يقال بأنه اجتهاد وأنه محتمل.