لهذا فإن موضوع هذه المحاضرة هو موضوع في التفسير، والتفسير أبوابه كثيرة ومختلفة، ولكن قلَّت العناية في هذا الزمن بالتفسير؛ لأن كثيرين يظنون أنّهم يعلمون كلام الله جل وعلا، ولا شك أن الذي يعلم كلام الله جل وعلا، ويعلم معانيه، ويدرك مراميه وإعجازه وبلاغته وما فيه، سيكون ملتذا بهذا القرآن مقبلا عليه، يزن قلبه وينشرح صدره حين يقبل على هذا القرآن.
إذن فالوصية في مقدمة هذه الدروس العلمية أن يهتم الجميع في القرآن حفظا وتلاوة، ثم الاهتمام بتدبر القرآن وتفسيره عبر كتب التفسير المعتمدة، وخاصة كلام الصحابة والتابعين وتابعيهم والمأمونين من أئمة أهل العلم والدين والتفسير.
الموضوع كما سمعتَ؛ مقاصد السور، العلم بمقاصد السور لم ينص عليه الأوائل، وإنما اعتبره الصحابة والتابعون –بالاستقراء-، اعتبروه في تفسيرهم، ولكن لم ينص على هذا العلم بهذا الاسم إلا عند المتأخرين، وذلك شأن جميع العلوم، فإن العلوم كانت ممارسة عند السلف، لكن لم تكن التسمية موجودة، فعلم النحو كان ممارسا ولم يكون موجودا، البلاغة كانت ممارسة ولم تكن موجودة، علم أصول الفقه كان ممارسا في بعض الأحكام من القواعد الأصولية ولم يكن موجودا بهذا الاسم، وهكذا في علوم القرآن في أنحاء شتى، ومصطلح الحديث وعلوم أخرى.