وهذا الذي جاء به الكاتب يحتاج إلى نقض من جهة أن الكلام منه ما يكون على سبيل الحقيقة ومنه ما يكون على سبيل المجاز، وقد اتفق العلماء على أن الأصل في الكلام الحقيقة وانه لا يصار إلى المجاز الا إذا وجدت قرينة تصرف الكلام من حقيقته إلى مجازه، نص على هذا غير واحد من العلماء (١).
... وعلى هذا يمكن أن نفهم أن في القرآن الكريم مجازاً، لكن أن يكون كله مجازا فهذا غير مقبول؛ لأن هذا يخالف بداهة ما هو معلوم عن لغة العرب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فلم يعقل عن أحد كائناً مَن كان أنه تكلم بكلام كثير ثم زعم أنه لا يريد من جملة واحدة فيه ظاهر معناها. وعلى هذا كيف يمكن أن يتخاطب الناس؟ وكيف يمكن الاتفاق على تفسير المجاز تفسيراً يوحّد فهم الكلام المصدر بينهم ؟ فلو سلمنا جدلاً بهذا لانبنى عليه أن تفسير القرآن الكريم لا يمكن أن يُتَّفق على أدنى شيء منه؛ لأن كل قارئ يمكنه أن يصوغ من المجاز ما يناسب أفكاره وتطلعاته. فكيف بعد ذلك يكون القرآن مرجعاً تشريعياً تنضبط تصرفات الأمة بناءً عليه. إن هذا لمن أعجب العجب.
المبحث الثالث: اضطراب الكاتب في فهم حقيقية المسيح الدجال وحقيقة الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام واضطرابه في تفسير الجدار الذي وقع الخبر عنه في قصة موسى والخضر عليهما السلام
عرض الكاتب للمسيح الدجال في مقدمة كتابه وهو يذكر عن ابن كثير إيراده للحديث المشهور" من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال"(٢).
(٢) الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي رقم ٨٠٩، انظر شرح النووي على شرح المسلم ٦/١٩٢