... إن جميع هذه القرائن تدل صراحة على أن ما رآه الرسول ﷺ كشف وقد عبر عنه بهذه الألفاظ وكان كشفاً روحياً ينبغي تأويل مضامينه وهو يشير إلى جماعة أمم وليس إلى شخص بمفرده" (١).
... ثم يختم الرجل كلامه في المقدمة قائلاً :" والذي يؤكد لنا إشارة اسم المسيح الدجال إلى هذه الشعوب المسيحية التي ذكرناها، هو ما ورد في الحديث الشريف من أن المسيح الدجال يأتي إلى بلاد المسلمين راكبا حماراً طوله سبعون ذراعاً ويخرج من إسته نار وصوته يدوي في الخافقين، وهذه الأوصاف، تنطبق على الأساطيل البخارية التي كانت في بدايات صنعها بهذا الطول وهذه الأوصاف. الأساطيل البخارية التي صنعت بعد اكتشاف الآلة البخارية، فهي التي تسير على البخار، ويخرج من مؤخرتها نار ولها صفارة بخارية تجعل صوتها يدوي في الخافقين. فالأسطول البخاري الذي اخترعته أوروبا هو الذي وصف في الأحاديث بالأوصاف المذكورة. ونعذر ابن كثير بالتالي خطأ اجتهاده فما كان يمتلك ما نمتلكه من معطيات"(٢). ثم نراه في نهاية الكتاب يفسر الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام وأنبأ عنه موسى عليه السلام في قوله تعالى (وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين...) (٨٠: الكهف) يقول بعد أن ذكر أن الغلام إن رؤى في المنام على هيئة إنسان فإنه يُؤَوَّل له على أنه فقد الاتزان الخلقي، واندفع وراء قضاء شهواته، وما عاد له من مقصد في حياته إلا اللهو واللعب وحياة المجون. نستمع إليه وهو يقول:" والآن ما دمنا بصدد ما أنبأ به إسراء موسى عن أمته(٣) ومصيرها وخاصة منها الذين ينسبون أنفسهم لفتى موسى أي للمسيح زوراً وبهتاناً. فهذا كله يأخذ بأيدينا الغلام ويوجهنا لنؤول الوارد في هاتين الآيتين الكريمتين على أن المقصود به هو هذا المسيح الدجال الذي بلغت شعوبه رشدها الحضاري
(٢) ص: ٧
(٣) هو يقصد أن ما حدث مع موسى والخضر عليهما السلام كان مناماً، وسيأتي الحديث عن هذا فيما بعد.