فإن الله تعالى أنزل هذا الكتاب العظيم ليهتدي به الناس من الظلمات إلى النور. فمن أخذ به فذلك حظه من الخير، ومن تنكبه نكب على وجهه عياذا بالله تعالى.
ولقد لقي القرآن على وضاءته صدوداً من كثير من الناس، وخصوصاً أصحاب الأهواء والنحل المنحرفة، ومنذ القديم والكتاب يكتبون، فمنهم المنصف، ومنهم غير ذلك، غير أنه والحق يقال إن أولئك الكاتبين غير المنصفين لديهم جملة من المعارف –والتي وظفت توظيفاً منحرفاً- تحس بها وأنت تقرأ، وإن كانوا سلكوا بها غير ما ينبغي من الصراط المستقيم. هذا وقد برزت طائفة من هؤلاء غير المنصفين الذين خلت أبحاثهم وكتاباتهم من مناهج العلماء وموضوعيتهم، فامتلأت كتبهم وأبحاثهم بالتعدي أحيانا وبالتشفي أحيانا أخرى، كل هذا نكاية منهم لهذا الدين وأهله أو الحصول على مآرب يبتغونها من وراء ذلك نسأل الله تعالى السلامة.
مشكلة البحث :
يعالج هذا البحث جملة من القضايا التي وردت في كتاب من الكتب الحديثة، حاد صاحبه فيه عن الصواب، وتنكب طرق الأئمة الأعلام، وسار في كتابه سيرا غريبا زعم فيه أن هذا الذي فعله لم يسبق إليه جدة وقوة وتحريرا، ونعى على السابقين الذين لم يتوصلوا إلى ما توصل إليه ؛ لأنه ليس لديهم من المعطيات ما لديه- هكذا قال في مقدمة ذلك الكتاب الذي سماه (في ظلال دلالات سورة الكهف) والذي ملئ من هذه الأوهام جميعها.
طبع هذا الكتاب وذاع فرأيت من واجبي – إذ اطلعت عليه – أن أبين عواره، وأحول بين الناس وبين فساده، انتصارا مني لهذا الدين العظيم، وحراسة مني لأفكار المسلمين، لاسيما وقد ورد مرفوعا إلى النبي ﷺ :( أنت على ثغرة من الإسلام فلا يؤتين من قبلك )(١).