... لقد ضرب الكاتب بآراء علماء الإسلام عامة والمفسرين خاصة عرض الحائط؛ حين لم يرجع في تفسيره إلى آراء هؤلاء وهؤلاء، وإنما جعل همه أن يشنع على هؤلاء العلماء زاعماً أنهم ليسوا على المستوى المطلوب. وكان الذي نقله الكاتب من بعض الآراء من تلك الكتب ما هو إلا من قبيل ذر الرماد في العيون؛ ليوهمنا أنه رجع إلى المصادر وهو في الحقيقة لم يرجع إليها إلا ليشنع على أصحابها، بل وتعدى الكاتب طوره حين هجم على علماء الإسلام بما لا يليق واليك شيئاً مما قاله:
أولاً: قال الكاتب ما نصه:" ولا أشك للحظة واحدة أن ما ذهب إليه المفسرون والمستشرقون لا يمت إلى الحقائق التي تضمنتها سورة الكهف بصلة من الصلات" (١)
... تأمل في هذا القول العجيب وتأمل كذلك في جمعه بين المفسرين والمستشرقين في باب واحد.
... ولا عجب في أن هذا الذي يحكيه مع أنه قصد به الشتيمة إلا أنه صحيح باعتبار آخر؛ ذلك أن الكاتب إذا كان يقصد بالحقائق ما أورده في كتابه من العجائب والغرائب، فإن ما عند المفسرين والمستشرقين لا يمت له بصله لأن ذاك الذي عند المفسرين علم. وما أدراك ما هذا الذي عند الكاتب.
ثانياً: قال عند حديثه عن قوله تعالى (كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم) (٣٣: الكهف) قال:" لم يقل: ولم تظلما، والحكمة أن يشعر الله تعالى القارئ بأن الجنتين لرجل واحد وطرف واحد وهم المسيحيون أولا وآخراً. وأغض الطرف هنا عن الجدل الذي دخله تفسير البيضاوي الذي لم يفهم من الآيات الكريمة ما فهمناه، ويكفي أن أقول إنني ذهبت في تعليل ذلك على مذهب الإمام البغدادي" (٢)
... وتأمل معي كيف جعل فهمه حكماً على فهم الإمام البيضاوي، والبغدادي هذا الذي ذكره لم يعرف به من هو، فإن كان يقصد الإمام الألوسي فليس في تفسيره ما ذكره.
(٢) ص: ٧٦