... وعامة المفسرين يفسرون هذه الآية بما أورده البخاري في صحيحه في قصة موسى عليه السلام مع الخضر عليه السلام. (١) والكاتب يرى أن هذا الفهم ما هو إلا فهم أسطوري خرافي.(٢) وأن عقله لا يستسيغ هذه الخرافات التي ذكرها المفسرون، وأن العقل الذي يقبل ذلك ما هو إلا عقل تقليدي أسطوري (٣).... إذن المفسرون يقولون إن هذه قصة واقعية حقيقية حدثت مع موسى عليه السلام والكاتب ينفي ذلك؛ لأنه لم يجد لها أثراً في التوراة. وكأن التوراة لم تبق من تاريخ موسى عليه السلام ولم تذر، وكأننا نحن المسلمين نتسول على أبواب التوراة المحرفة لتصحح لنا ما روي لنا من حديث رسول الله ﷺ عن أنبياء الله تعالى السابقين. وقد تقدم شيء من الحديث عن هذه الآية في المبحث المتعلق بجناية المؤلف على السنة
... وبعد ذلك يرى الكاتب أن ما ذكره الله تعالى في هذا القصة لا يعدو أن يكون حلماً منامياً رآه رسول الله ﷺ وليس كما في صحيح
البخاري فهو عنده إذن إسراء منامي روحاني ليس إلا.(٤) وهذا خلا ف ما عليه جميع المفسرين. ثم يفسر بعد ذلك قوله تعالى (أبلغ مجمع البحرين) (٦٠: الكهف) على أنه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذا النهر العظيم الذي تستمد منه الأنهار مياهها.(٥) وهذا التفسير من الغرابة أن لم يقل به أحد حتى المتصوفة الذين اغرقوا في التأويل لم يقولوا بذلك وإنما نقل الألوسي عنهم في التفسير ما نصه :"وقيل هما مجاز عن موسى والخضر عليهما السلام لأنهما بحرا علم، والمراد بملتقاهما مكان يتفق فيه اجتماعهما، وهو تأويل صوفي والسياق ينبو عنه وكذا قوله (حتى ابلغ) إذ الظاهر عليه أن يقال حتى يجتمع البحران مثلا." (٦)

(١) قد تقدم هذا الحديث
(٢). ص: ١٠٠
(٣) ص: ١٠٣
(٤) ص: ١٠٣
(٥) ص: ١٠٣
(٦) روح المعاني ١٥/٣١٢


الصفحة التالية
Icon