... لم يكتف الكاتب بما أغرب فيه وأعجب بل راح يستنهض همم المسلمين إلى القعود تاركين أعداء الأمة والدين يسرحون في بلاد المسلمين كما يشاءون فلا مناص من قدر الله تعالى.
يقول عند قوله تعالى (فلن يهتدوا إذا أبداً) (٥٧: الكهف):" وهذا هو السر الذي دعاه جل شأنه من قبل، وفي سياق هذا الكلام أن ينصح المسلمين أن لا يفكروا في التصدي لهؤلاء بالقوة ولا أن يعمدوا إلى تهديدهم، فسيبلغ هؤلاء حدا من الظلم والفظاعة ضد الإسلام بحيث لا يعود يجدي معهم إلا تنفيذ الله تعالى لوعيده."(١). وفي موضع سابق وعند قوله تعالى (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا) (٢٣: الكهف) يقول بعد أن أنكر الحديث الذي يذكره المفسرون عند هذه الآية والخاص بسيدنا سليمان حينما أراد الطواف على نسائه(٢) مع العلم أن المفسرين لم يذكروا هذا الحديث تفسيراً لهذه الآية وإنما أوردوه على جهة التمثيل وحسب، بعد هذا يقول: " وتبعاً لمعاني الألفاظ فالآية تحذر المسلمين وتنهاهم عن أن يتصدوا بالقوة إذا تهددهم هذا الخطر من قبل المسيحيين الأوروبيين في المستقبل، فلا ينبغي في الزمن البعيد المترقب أن يقوم أحد المسلمين مهدداً ومتوعداً إني فاعل غدا كذا وكذا، بل إن طريق خلاص المسلمين من فرعنة هؤلاء المذكورين الذين اتخذوا لله ولداً عبّر عنه تعالى بقوله (إلا أن يشاء الله) (٢٤: الكهف). أي أن يترك المسلمون أمرهم يومئذ لمشيئة الله ربهم. أي إن من واجبهم يومئذ الاعتماد على الدعاء من الله تعالى لينزل عذابه بهم... منوها بذلك إلى أنه لن يكون للمسلمين يومئذ حول ولا قوة للتصدي لهؤلاء الغربيين المستعمرين"(٣) ولمَ لا يكون الأمر عنده كذلك وهو يرى أن الأمة الإسلامية أمة متخلفة جاهلة، يقول عند قوله تعالى (حتى إذا بلغ بين السدين) (٩٣: الكهف):" والمقصود مجازاً بالسدين هنا وضع الأمم الغربية كسد مخيف على طريق المؤمن، ووضع الأمة العربية
(٢) تقدم هذا من قبل
(٣) ص: ٦١-٦٢