هذا بعض ما في الكتاب من العبارات التي ملئ بمثلها. وأما وجه المخالفة في هذه العبارات فإن علماء الإسلام قد قعّدوا من القواعد العقائدية ما حاصله أنه لا يجوز أن يطلق على الله تعالى من الألفاظ والعبارات إلا ما أطلقه الله تعالى على نفسه في كتابه أو أطلقه عليه رسوله الكريم ﷺ مما ثبت في حديثه عليه السلام. مضى على هذا غير واحد من أهل العلم : فهذا الإمام الأشعري أبو الحسن يقول فيما يتعلق بأن ما يطلق على الله تعالى هو توقيفي ما نصه :" واعلم أن كثيرا من ألفاظ الأوصاف مما يستعمل فيه لفظ فعل ويفعل ولا يستعمل لفظ فاعل لأجل أن التوقيف ورد بذلك فقط. فمن ذلك ما يقال إنه يستهزئ ويمكر ويخدع ويقص، فلا يتجاوز من مطلق ذلك إلى ما لم يطلق. ألا ترى أن كثيرا منه مما اجمعوا عليه، ودخل في هذا الإجماع عليه من أخذ الاسم عن التوقيف ومن لا يأخذه عن التوقيف. فعلم أن المر على ما قلنا في أنه لا يجب أن يجري كل ذلك على ألفاظ الأوصاف والأفعال قياسا وهذا أحد ما يدل على ما يذهب إليه أن طريقة أسمائه التوقيف "(١) وقال ابن فورك فيما نقله عن الأشعري أيضا ما نصه :" وكان يقول في جملة ما يشتق له من الأسماء والأوصاف بحدوث الأفعال إن ذلك لا يخلو أن يكون شاملا لجميع ما يفعله أو لا يسمى باسم ولا بوصف من شيء يفعله. فإن كان يسمى بالشيء ويوصف به من حيث فعله ويشتق له منه الاسم إذا كان منه اشتقاق فذلك خطا باتفاق. وذلك أنه لا يجب أن يوصف ولا أن يسمى بكل ما فعله من جميع ما تشتق منه الأسماء باتفاق من الأمة بأسرها، فوجب أن يكون ذلك مخصوصا في بعض أوصاف أفعاله. وذلك لا يتميز عنده على اصله إلا بالتوقيف، فما ورد التوقيف به منها جاز أن يطلق، وما لم يرد به حظر "(٢)
(٢) السابق ص: ٤٩، وانظر ما ذهب إليه الغزالي في كتاب إلجام العوام عن علم الكلام ص: ٣٠٦ ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي ؛ ففيه التفصيل لما ذكره الاشعري.