. هذا وينبغي التنبيه إلى أن بعض هذه الألفاظ قد يرد في بعض كتب المفسرين فوقوعه هناك لا يعني جوازه، والأمر لا يعدو أن يكون تسامحا أو سهوا.
والذي يبدو لي أن هذا الأسلوب إنما هو أسلوب التوراة والإنجيل، والذي أستطيع استخلاصه الآن أن الكاتب كثير القراءة في التوراة والإنجيل بحيث تأثر بهما كثيراً في الحديث عن الله عز وجل لأن هذا الذي في الكتاب يشبه من حيث الأسلوب ما في ذينك الكتابين والله أعلم. وقد أشار الكاتب إلى انه قد تدبر التوراة (١) والتدبر لا بد أن يكون بعد طول القراءة
المبحث الثاني: مجازية سورة الكهف.
... لقد خطا الكاتب خطوة غير مسبوقة حين فسّر سورة الكهف كلها تفسيراً مجازياً ليس له ضابط ولا رابط، ذلك أنه قال :"إن سورة الكهف خصصت للكلام عن هؤلاء المسيحيين الذين أطلق عليهم محمد رسول الله صفة المسيح الدجال "(٢) وقال أيضا :" من واجبي التنبيه إلى أن هذه النبوءات لا تأتي أصلاً بظاهر ألفاظها إنما بمعانيها المجازية وإشاراتها. وأنه لا ينبغي أن نقف عند دلالات ما يتبادر إلى أذهاننا من ألفاظ هذه الآيات" (٣). ولذلك فسر الكاتب هذه السورة من خلال هذا المنطلق فأغفل كل ما جاء في تفسيرها وابتدع تفسيرا قائما على أن ألفاظ تلك السورة لم تقصد معانيها الظاهرة المتبادرة.
... غير أن المؤلف لم يتمالك نفسه، بل جاء بعد ذلك بصفحة واحدة ليهدم كل الذي ذكره فيما سبق وفيما لحق حينما قال:" ولا يأتي الله تعالى بكلمة ولا حرف إلا بدلالتها الحقيقية"(٤).
وإني لأتساءل كيف يمكن الجمع بين هذين القولين، وإذا كان القول الثاني بحكم تبعيته للأول يعد ناسخاً، فبماذا نحكم على التفسير المجازي لسورة الكهف الذي جاء به الكاتب وعده فتحاً جديداً لم يسبق إليه؟!
(٢) ص: ٩
(٣) ص: ٤٦
(٤) ص: ٤٧