وروى أبو داود في سننه (٤٦١٢) بإسناد صحيح: (( أن رجلاً كتب إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدر، فكتب: أما بعد، أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتباع سنّة نبيه *، وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنّته، وكُفُو مؤنته، فعليك بلزوم السنّة فإنها لك ـ بإذن الله ـ عصمة، ثم اعلم أنه لم يبتدع الناس بدعة إلاّ قد مضى قبلها ما هو دليل عليها أو عبرة فيها؛ فإن السنّة إنما سنّها من قد علم ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم؛ فإنهم على علم وقفوا، وببصر نافذ كَفّوا، ولهم على كشف الأمور كانوا أقوى، وبفضل ما كانوا فيه أولى، فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه، ولئن قلتم: إنما حدث بعدهم ما أحدثه إلاّ من اتبع غير سبيلهم ورغب بنفسه عنهم، فإنهم هم السابقون، فقد تكلموا فيه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم من مَقْصَر، وما فوقهم من مَحْسَر، وقد قصَّر قوم دونَهم فجفَوا، وطمح عنهم أقوام فغَلَوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم )).
ـ قوله تعالى: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: ١٦٠].