ونقل عن جعفر الصادق أنه قال: (( أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق في هذه الآية، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية )).
قال البخاري في صحيحه: (( العرف المعروف ))، وروى (٤٦٤٤) بإسناد معلق (( عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير أنه قال: أمر الله نبيه * أن يأخذ العفو من أخلاق الناس، أو كما قال )).
وقال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ~ في كتابه (أضواء البيان): (( بين في هذه الآية الكريمة ما ينبغي أن يعامل به الجهلة من شياطين الإنس والجن، فبيّن أن شيطان الإنس يعامل باللين، وأخذ العفو، والإعراض عن جهله وإساءته، وأن شيطان الجن لا منجى منه إلاّ بالاستعاذة بالله منه، قال في الأول: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾، وقال في الثاني: ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾، وبين هذا الذي ذكرنا في موضعين آخرين:
أحدهما: في سورة ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ قال فيه في شيطان الإنس: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ﴾ [المؤمنون: ٩٦]، وقال في الآخر: ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ﴾ [المؤمنون: ٩٧ ـ ٩٨].