وجاء في القرآن كثيراً ذكر الكتاب مراداً به التوراة، والألف واللام فيه للعهد الذهني، ففي البقرة في موضعين، وفي الأنعام في موضعين، وفي هود والإسراء والمؤمنون والفرقان والقصص و(الم) السجدة والصافات وفصلت وغير ذلك.
وجاء في القرآن ذكر الألف واللام في الكلمة مراداً بها العهد الذكري، مثل قوله: ﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ [الكهف: ٨٠]، وقوله: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ ﴾ [الكهف: ٨٢]، فإن الألف واللام في (الغلام) و(الجدار) ترجع إلى معهود مذكور قبله في قوله: ﴿ حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ ﴾ [الكهف: ٧٤]، وقوله: ﴿ فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ ﴾ [الكهف: ٧٧]، ومثل قوله في سورة المزمل: ﴿ فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ﴾ [المزمل: ١٦]، فإنه راجع إلى قوله قبلها: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا ﴾ [المزمل: ١٥]، ومثل قوله: ﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ﴾ [التوبة: ٥]، فإنه راجع إلى الأربعة في قوله: ﴿ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ﴾ [التوبة: ٢]، وهي أشهر التسيير والإمهال للمشركين، قال ابن كثير في تفسيره: (( اختلف المفسرون في المراد بالأشهر الحرم ههنا ما هي؟ فذهب ابن جرير إلى أنها المذكورة في قوله تعالى: ﴿ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ الآية [التوبة: ٣٦]، قاله أبو جعفر الباقر، ولكن قال ابن جرير: (آخر الأشهر الحرم في حقهم المحرم)، وهذا الذي ذهب إليه حكاه عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس، وإليه ذهب الضحاك أيضاً، وفيه نظر، والذي يظهر من حيث السياق ما ذهب إليه ابن عباس في رواية العوفي عنه، وبه قال مجاهد وعمرو بن شعيب ومحمد بن إسحاق وقتادة والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن المراد بها أشهر التسيير الأربعة المنصوص


الصفحة التالية
Icon