عليها في قوله: ﴿ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ﴾، ثم قال: ﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ﴾ أي إذا انقضت الأشهر الأربعة التي حرمنا عليكم فيها قتالهم وأجَّلناكم فيها فحيثما وجدتموهم فاقتلوهم؛ لأن عود العهد على مذكور أولى من مقدر، ثم إن الأشهر الأربعة المحرمة سيأتي بيان حكمها في آية أخرى بعد في هذه السورة الكريمة.
ـ قوله: ﴿ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾.
المتقون هم الملازمون لتقوى الله، والتقوى في اللغة من الوقاية، وهي أن تجعل بينك وبين الذي تخافه وقاية تقيك منه، كما يتقي الإنسان الشمس باتخاذه ما يظله من حرّها والبرد بلبس الألبسة الثقيلة، والشوك وما يؤذي في الأرض باتخاذ الأحذية وغير ذلك، وأما في الشرع فتقوى الله أن يجعل العبد بينه وبين غضب الله وقاية تقيه منه، وذلك بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات، فالمعنى اللغوي هنا عام، والمعنى الشرعي جزء من جزئيات المعنى اللغوي، وكثيراً ما تأتي المعاني الشرعية أجزاء من المعاني اللغوية، مثل الصوم، فإنه يطلق في اللغة على كل إمساك، ويطلق في الشرع على إمساك مخصوص، وهو الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ومثل الحج فإنه في اللغة يطلق على كل قصد، ويطلق في الشرع على قصد البيت العتيق والطواف به والإتيان بشعائر معينة، ومثل العمرة فإنها تطلق على كل زيارة، وتطلق في الشرع على زيارة البيت العتيق للطواف به والسعي بين الصفا والمروة.


الصفحة التالية
Icon