في هذه الآية جاءت كلمة (خير) مرتين، الأولى في مقابلة الشر، كقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: ٧ ـ ٨]، والثانية (أفعل) تفضيل، أي: أخيَر، ويأتي كثيراً حذف الهمزة من أخير وأشرّ في (أفعل) التفضيل، وجاء الجمع بين المعنيين لخير وشر في حديث رواه الترمذي (٢٢٦٣) بإسناد حسن أن النبي * قال: (( خيركم من يُرجى خيره ويؤمَن شره، وشركم من لا يُرجى خيره ولا يؤمَن شره )). فـ (خير) و(شر) في الأول (أفعل) تفضيل، وفي الثاني ما يقابل الشر.
سورة التوبة
ـ قوله تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: ١٠٠].
في هذه الآية إخبار من الله عن رضاه عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وتابعيهم بإحسان، ورضاهم عنه، وأنه أعد لهم جنات النعيم، وأن ذلك هو الفوز العظيم، وأصحاب رسول الله * هم خير أمة محمد * التي هي خير الأمم، وقد جاءت الآيات الكثيرة والأحاديث المتواترة ببيان فضلهم ونبلهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (( يخبر تعالى عن رضاه عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، ورضاهم عنه بما أعدّ لهم من جنات النعيم، والنعيم المقيم، قال الشعبي: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار: من أدرك بيعة الرضوان عام الحديبية، وقال أبو موسى الأشعري، وسعيد بن المسيب، ومحمد بن سيرين، والحسن، وقتادة: هم الذين صلّوا إلى القبلتين مع رسول الله * )).


الصفحة التالية
Icon