وفي حديث كعب بن مالك > الطويل لما سأله النبي * عن تخلفه قال: (( إني والله يا رسول الله لو جلستُ عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أنْ سأخرجُ من سَخَطه بعذر، والله لقد أعطيتُ جدلاً ولكني والله لقد علمتُ لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عنّي ليوشكن الله أن يُسخطك عليَّ، ولئن حدثتك حديث صدق تجد عليَّ فيه، إني لأرجو فيه عفو الله، لا والله ما كان لي من عذر، والله ما كنتُ قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفتُ عنك. فقال رسول الله *: أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك )) رواه البخاري (٤٤١٨) ومسلم (٧٠١٦).
وقد أنجاه الله وصاحبيه مرارة بن الربيع العمري وهلال بن أمية الواقفي لصدقهم، وأنزل الله توبته عليهم في قوله: ﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: ١١٨].
وكان من شكر كعب بن مالك > ربَّه إذ نجاه لصدقه: التزامه بالصدق ما بقي، قال في حديثه الطويل: (( فقلت: يا رسول الله، إن الله إنما نجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلاّ صدقاً ما بقيت، فوالله ما أعلم أحداً من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله * أحسن مما أبلاني، ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله * إلى يومي هذا كذباً، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت )). وأنزل الله بعد آية التوبة عليهم قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾.


الصفحة التالية
Icon