وقال: (( وهكذا الأمر لما كانت القرون الثلاثة الذين هم خير هذه الأمة، في غاية الاستقامة والقيام بأمر الله تعالى لم يزالوا ظاهرين على عدوهم، ولم تزل الفتوحات كثيرة، ولم تزل الأعداء في سفال وخسار، ثم لما وقعت الفتن والأهواء والاختلافات بين الملوك، طمع الأعداء في أطراف البلاد، وتقدّموا إليها، فلم يمانعوا لشغل الملوك بعضهم ببعض، ثم تقدّموا إلى حوزة الإسلام فأخذوا من الأطراف بلداناً كثيرة، ثم لم يزالوا حتى استحوذوا على كثير من بلاد الإسلام، ولله سبحانه الأمر من قبل ومن بعد، فكلما قام ملك من ملوك الإسلام وأطاع أوامر الله وتوكل على الله، فتح الله عليه من البلاد، واسترجع من الأعداء بحسبه وبقدر ما فيه من ولاية الله، والله المسؤول المأمول أن يمكن المسلمين من نواصي أعدائه الكافرين، وأن يعلي كلمتهم في سائر الأقاليم، إنه جواد كريم )).
ـ قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: ١٢٨].
في هذه الآية الكريمة بيان امتنان الله - عز وجل - على عباده بأعظم منّة، وهي إرساله رسوله الكريم محمداً * لهدايتهم إلى الحق، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، كما قال - عز وجل - :﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: ١٦٤].


الصفحة التالية
Icon