وقد اشتملت هذه الآية الكريمة على وصفه * بصفات عظيمة، وهي: حرصه * على هدايتهم وحصول ما فيه نفعهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وأنه يشُق عليه كل ما فيه عنت وضرر عليهم، وأنه ذو رأفة ورحمة بهم ـ صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ـ، وفي هذه الآية وصفه * بأنه رؤوف رحيم، وقد جاء في آيات من القرآن وصف الله تعالى نفسه بأنه رؤوف رحيم، وما يضاف إلى الله - عز وجل - من الصفات يليق بكماله وجلاله، ولا يشبهه أحد من المخلوقين في صفاته، كما قال الله - عز وجل - :﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾.
سورة يونس
ـ قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [يونس: ٢٥].
لما ضرب الله المثل للدنيا وبيّن زوالها وفناءها، أخبر سبحانه أنه يدعو عباده إلى دار السلام وهي الجنة، دار البقاء والدوام في النعيم المقيم، ودار السلامة من الآفات والنقائص. ثم أخبر أن من المدعوين من هداهم إلى الصراط المستقيم الذي يوصل سالكيه إلى سعادة الدنيا والآخرة.
وأمّة محمد * أمّتان: أمّة دعوة، وأمّة إجابة، فأمّة الدعوة هم الجن والإنس من حين بعثته * إلى قيام الساعة، وأمّة الإجابة هم الذين وفّقهم الله للهداية إلى الحق والدخول في الدين الحنيف، وقد اشتملت هذه الآية على ذكر الأمّتين، فقوله: ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ ﴾ حُذف فيه المفعول، والمعنى: والله يدعو إلى دار السلام كل أحد، وهذه أمّة الدعوة. وقوله: ﴿ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ أُظهر فيه المفعول، وهو: من شاء الله هدايته وهم أمّة الإجابة، فالدعوة عامة لكل أحد، والهداية إلى الصراط المستقيم خاصة لمن شاء الله هدايته.