والهداية في هذه الآية هداية التوفيق التي اختص الله تعالى بها، ونفاها عن نبيه محمد * في قوله: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: ٥٦]، وأما هداية الدلالة والإرشاد والبيان، فقد أثبتها الله لنبيه في قوله: ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: ٥٢]، وحُذف في هذه الآية المفعول، والمعنى: وإنك لتهدي كل أحد إلى الصراط المستقيم، أي: تدله وتبيّن له وترشده.
ـ قوله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [يونس: ٢٦].
في هذه الآية الكريمة بيان أن الذين أحسنوا في عبادة ربهم وأحسنوا إلى غيرهم بأي وجه من وجوه الإحسان، أن جزاءهم عند الله الحسنى وهي الجنّة وزيادة وهي: النظر إلى وجه الله - عز وجل -، روى مسلم في صحيحه (٤٤٩، ٤٥٠) عن صهيب > عن النبي * قال: (( إذا دخل أهل الجنّة الجنّة، يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيّض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنّة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم - عز وجل -. ثم تلا هذه الآية: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾. فدلّ هذا الحديث على تفسير الزيادة بالنظر إلى وجه الله - عز وجل -.