ورؤية المؤمنين ربهم في الدار الآخرة جاءت في آيات، فيها قوله تعالى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: ٢٢ ـ ٢٣]، وقوله: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ [المطففين: ١٥]، ووجه الدلالة: أنه لما حُجب الكفار عن رؤية الله لسَخطه عليهم، دلّ على أن أولياءه يرونه لرضاه عنهم، كما جاء ذلك عن الشافعي ~. وأما الأحاديث، فهي متواترة جاءت عما يقرب من ثلاثين صحابياً، ذكرهم ابن القيم، وذكر أحاديثهم في كتابه (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ص: ١٨٦ وما بعدها).
وممن أنكر رؤية الله في الدار الآخرة المعتزلة، ومنهم الزمخشري صاحب الكشاف، ولتمكنه في علم البلاغة يستدل لمذهبهم الباطل ببعض الآيات على وجه لا يتفطن له إلاّ القليل، قال السيوطي في كتابه (الإتقان في علوم القرآن: ٢/١٩١): (( والمبتدع ليس له قصد إلاّ تحريف الآيات وتسويتها على مذهبه الفاسد، بحيث أنه متى لاح له شاردة من بعيد اقتنصها أو وجد موضعاً له فيه أدنى مجال سارع إليه. قال البلقيني: استخرجت من الكشاف اعتزالاً بالمناقيش من قوله في تفسير قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾ : وأي فوز أعظم من دخول الجنّة؟ أشار به إلى عدم الرؤية )).
ومثل قوله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى ﴾ : قوله تعالى: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: ٦٠]، وكما أن جزاء الذين أحسنوا الحسنى وهي الجنّة، فإن عاقبة الذين أساؤوا السوأى، كما قال الله - عز وجل - :﴿ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى ﴾ [الروم: ١٠]، والسوأى: النار، وهو أحد الأقوال في تفسير هذه الآية.
ـ قوله تعالى: ﴿ أَلَا إِن أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: ٦٢ ـ ٦٣].