في هذه الآية الكريمة وعْد الله - عز وجل - أنه ناصر من ينصره، وممكّن له في الأرض، ونصر الله - عز وجل - يكون بإقامة شرعه، والعمل بما جاء في الكتاب والسنّة المطهرة. وهذه الآية نظير قوله - عز وجل - :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: ٧]، وقوله: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾ [النور: ٥٥].
وفي الآية الثانية بيان صفات المستحقين لنصر الله - عز وجل -، لكونهم نصروه وهي: إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ~ في (أضواء البيان) بعد إيراد جملة من الآيات التي فيها بيان نصر الله - عز وجل - من ينصره، قال: (( وفي قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ الآية دليل على أنه لا وعد من الله بالنصر إلاّ مع إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالذين يمكن الله لهم في الأرض ويجعل الكلمة فيها والسلطان لهم، ومع ذلك لا يقيمون الصلاة، ولا يؤتون الزكاة، ولا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر، فليس لهم وعد من الله بالنصر، لأنهم ليسوا من حزبه، ولا من أوليائه الذين وعدهم بالنصر، بل هم حزب الشيطان وأولياؤه، فلو طلبوا النصر من الله بناءً على أنه وعدهم إياه، فمثلهم كمثل الأجير الذي يمتنع من عمل ما أجر عليه، ثم يطلب الأجرة، ومن هذا شأنه فلا عقل له )).