وأشار إلى طريق أخرى له عن أبي هريرة >. وانظر السلسلة الصحيحة للألباني ~ (١٦٢). قال: (( والسر في خوف المؤمنين ألا تقبل عبادتهم، ليس هو خشيتهم أن لا يوفيهم الله أجورهم، فإن هذا خلاف وعد الله إياهم في مثل قوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ ﴾ [النساء: ٧٣]؛ بل إنه ليزيدهم عليها كما قال: ﴿ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [فاطر: ٣٠]، والله تعالى لا يخلف وعده كما قال في كتابه، وإنما السر أن القبول متعلّق بالقيام بالعبادة كما أمر الله - عز وجل -، وهم لا يستطيعون الجزم بأنهم قاموا بها على مراد الله، بل يظنون أنهم قصَّروا في ذلك، ولهذا فهم يخافون أن لا تقبل منهم، فليتأمل المؤمن هذا عسى أن يزداد حرصاً على إحسان العبادة والإتيان بها كما أمر الله، وذلك بالإخلاص فيها له، واتباع نبيه * في هديه فيها، وذلك معنى قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: ١١٠] )).
وروى ابن جرير في تفسير هذه الآية (١٧/٦٨) عن الحسن أنه كان يقول: (( إن المؤمن جمع إحساناً وشفقة، وإن المنافق جمع إساءة وأمناً. ثم تلا الحسن: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ﴾ إلى ﴿ وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾، وقال المنافق: ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ )).
سورة النور


الصفحة التالية
Icon