اشتملت هاتان الآيتان على أوّل أَمْرٍ أَمَرَ الله به في المصحف، وهو عبادة الله، وهو أعظم مأمور به، وعلى أوّل نَهْيٍ نَهى الله عنه فيه، وهو الشرك بالله واتخاذ الأنداد له، وهو أعظم منهي عنه، وفي هاتين الآيتين الإلزام بتوحيد الألوهية، وهو عبادة الله وحده وترك عبادة من سواه، وذلك في قوله في أوّل الآية الأولى: ﴿ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ﴾، وقوله في آخر الآية الثانية: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾، وهذا هو معنى لا إله إلاّ الله؛ فإن قوله: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا ﴾ بمعنى (لا إله)، وقوله: ﴿ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ﴾ بمعنى (إلاّ الله)، وفيهما تقرير توحيد الربوبية، وهو كون الله خالقهم وخالق من قبلهم، وجاعل الأرض تحتهم والسماء فوقهم، الذي ينزل الغيث فيخرج من الأرض أرزاقهم، والمراد من هذا التقرير لتوحيد الربوبية، إلزام الكفار الذين بُعث فيهم الرسول * بتوحيد الألوهية، والمعنى: كما أنه لا خالق إلاّ الله ولا رازق إلاّ الله فإنه لا معبود حق سواه، ولهذا يأتي كثيراً في القرآن تقرير التوحيد الذي أقروا به لإلزامهم بالتوحيد الذي جحدوه، مثل قوله تعالى: { أَمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ t، ح !#y‰tn ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠) أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٦١) أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَمْ مَنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ