وأما توحيد الربوبية ففي قوله تعالى ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، فإنه سبحانه وتعالى رب كل شيء وخالقه ومليكه، كما قال الله - عز وجل - ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: ٢١، ٢٢].
وأما توحيد الأسماء والصفات فإن الآية مشتملة على اسمين من أسماء الله، وهما لفظ الجلالة في قوله ﴿ لِلَّهِ ﴾، والرب في قوله ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، وفي الآية جاء ذكر الرب مضافاً، وجاء ذكره في سورة يس مجرداً عن الإضافة في قوله ﴿ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ﴾ [يس: ٥٨].
والعالمون هم كل مَن سوى الله، فالله سبحانه وتعالى بذاته وأسمائه وصفاته هو الخالق، وكل من سواه مخلوق، قال الله - عز وجل - عن موسى وفرعون ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤) ﴾ [الشعراء: ٢٣ ـ ٢٤].
و ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ اسمان من أسماء الله يدلان على صفة من صفات الله هي الرحمة، والرحمن من الأسماء التي لا تطلق إلاّ على الله، والرحيم جاء في القرآن إطلاقه على غيره، قال الله - عز وجل - في نبيه محمد * ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: ١٢٨]، قال ابن كثير في تفسيره عند تفسير البسملة في أول سورة الفاتحة: (( والحاصل أن من أسمائه تعالى ما يسمى به غيره، ومنها ما لا يسمى به غيره، كاسم الله والرحمن والخالق والرازق ونحو ذلك )).