ـ ٨]، إلى غير ذلك من الآيات، وقد عمل أهل السنّة بنصوص الوعد والوعيد، فجعلوا مرتكب الكبيرة مؤمناً ناقص الإيمان، مؤمناً بإيمانه فاسقاً بكبيرته، فلم يضيفوا إليه الإيمان المطلق الكامل، ولم يسلبوه مطلق الإيمان، بخلاف المرجئة الذين أعملوا نصوص الوعد وأهملوا نصوص الوعيد، فاعتبروا مرتكب الكبيرة مؤمناً كامل الإيمان، وقالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة!.
وبخلاف الخوارج والمعتزلة الذين أعملوا نصوص الوعيد وأهملوا نصوص الوعد، فسلبوا مرتكب الكبيرة الإيمان، وقالوا: إنه خالد مخلد في النار!، فالمرجئة فرَّطوا والخوارج والمعتزلة أفرطوا، وأهل السنّة والجماعة اعتدلوا وتوسطوا، وسلموا من الإفراط والتفريط، وقد قال الخطابي ~:
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد | كلا طرفي قصد الأمور ذميم |
جمع الله في هذه الآية بين موتتين وحياتين، فالموتة الأولى حيث كان الإنسان في الرحم نطفة ثم علقة ثم مضغة قبل نفخ الروح فيه، والحياة الأولى بعد نفخ الروح فيه، والموتة الثانية عند قبض روحه إذا بلغ أجله، والحياة الثانية عند البعث من القبور، وهذه الآية مبيِّنة للحياتين والموتتين في قول الله - عز وجل - :﴿ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ﴾ [غافر: ١١].