في هذه الآية دليل واضح على أن الكفار من اليهود والنصارى لا يكفيهم من المسلمين ولا يرضيهم عنهم أن يتنازلوا عن شيء مما هم عليه من الحق والهدى، ومن أمثلة ذلك ما يحاول به بعض المسلمين في هذا العصر من إظهار الإسلام بمظهر يعجب الغربيين، وهو أن الجهاد في الإسلام إنما شرع للدفاع وليس للغزو والطلب، مع وجود النصوص الواضحة في الكتاب والسنّة الدالة على أن الجهاد منه ما هو دفاع كغزوة أحد، ومنه ما هو انتقال وذهاب إلى بلاد الكفار لدعوتهم إلى الدخول في الإسلام أو الدخول تحت حكمه وأخذ الجزية منهم، فيشاهدون عدل الإسلام وحُسن ما جاء به فيكون ذلك سبباً في دخولهم الإسلام، وكيف يكون الجهاد دفاعاً فقط وقد ذهبت جيوش المسلمين في زمن الرسول * وبعده في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم إلى الكفار في ديارهم حتى وصلوا إلى الهند والسند والصين شرقاً وإلى المحيط الأطلسي غرباً؟! ومع تقديم هذا التنازل منهم فإن ذلك غير كاف لإرضاء الكفار، بل لا يرضيهم إلاّ ما ذكره الله في هذه الآية من اتباع ملتهم والسير على نهجهم والأخذ بديمقراطيتهم المزعومة المبنية على الحرية في الاعتقاد والرأي، ولو كان في ذلك السخرية بالرسل الكرام ـ عليهم الصلاة والسلام ـ، ولاسيما خيرهم وأفضلهم نبينا محمد *، وفي صحيح البخاري (٣١٥٩) عن جبير بن حية قال: (( بعث عمر الناسَ في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين...


الصفحة التالية
Icon