دلت هذه الآية على تفضيل الرسل بعضهم على بعض، ومثلها قول الله - عز وجل - :﴿ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴾ [الإسراء: ٥٥]، وأما النهي عن التخيير بين الأنبياء في قوله *: (( لا تخيِّروا بين الأنبياء )) رواه البخاري (٢٤١٢) ومسلم (٦١٥٦)، وفي لفظ لهما (٢٤١١) (٦١٥٣): (( لا تخيِّروني على موسى )) فمحمول على أنه كان قبل أن يوحى إليه بالتفضيل، أو حمل التفضيل على العصبية كما هو سبب الحديث، وهو الاستباب الذي حصل بين مسلم ويهودي، قال أبو سعيد الخدري >: (( بينا رسول الله * جالس جاء يهودي فقال: يا أبا القاسم! ضرب وجهي رجل من أصحابك، فقال: مَن؟ قال: رجل من الأنصار، قال: ادعوه، فقال: أضربته؟ قال: سمعته بالسوق يحلف: والذي اصطفى موسى على البشر! قلت: أي خبيث! على محمد *؟! فأخذتني غضبة ضربت وجهه، فقال النبي *: (( لا تخيِّروا بين الأنبياء )) الحديث.
فمن الأنبياء من اتخذه الله خليلاً، وهو إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ كما قال الله - عز وجل - :﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النساء: ١٢٥]، ونبينا محمد * كما قال *: (( إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل؛ فإن الله تعالى قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً )) الحديث رواه مسلم (١١٨٨).
ومنهم من كلمه الله كموسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ، قال الله - عز وجل - :﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾ [النساء: ١٦٤]، وقال: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ﴾ [الأعراف: ١٤٣]، وكنبينا محمد * كلّمه الله ليلة عرج به إلى السماء.