وأفضل الرسل أولوا العزم منهم، وهم نبينا محمد * ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وقد جمعهم الله - عز وجل - في قوله في سورة الأحزاب: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﴾ [الأحزاب: ٧]، وقوله في سورة الشورى: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا uZّٹ¢¹ur بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشورى: ١٣]، وقد قال ابن كثير في تفسير قوله - عز وجل - :﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ :(( وقد اختلفوا في تعداد أولي العزم على أقوال، وأشهرها أنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وخاتم الأنبياء كلهم محمد *، وقد نصَّ على أسمائهم من بين الأنبياء في آيتين من سورتي الأحزاب والشورى، وقد يحتمل أن يكون المراد بأولي العزم جميع الرسل، وتكون (مِن) في قوله: ﴿ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ لبيان الجنس، والله أعلم )).
وقال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ~ في أضواء البيان (٧/٤٣٤ ـ ٤٣٥): (( واعلم أن القول بأن المراد بأولي العزم جميع الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وأن لفظة (مِن) في قوله: ﴿ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ بيانية يظهر أنه خلاف التحقيق؛ كما دلّ على ذلك بعض الآيات القرآنية، كقوله تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ﴾ الآية، فأمر الله ـ جلّ وعلا ـ نبيه في آية القلم هذه بالصبر، ونهاه عن أن يكون مثل يونس؛ لأنه هو صاحب الحوت، وكقوله: ﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾، فآية القلم وآية طه المذكورتان كلتاهما تدل على أن أولي العزم من الرسل الذين أُمر النبي * بأن يصبر كصبرهم ليسوا جميعاً الرسل، والعلم عند الله تعالى )).