والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما ذكره ابن كثير في تفسيره هذه الآية، والمعنى أن الأفراد من الكفار لا يُكرهون على الدخول في الإسلام، وهذا لا ينافي ما جاء من الآيات في قتال الكفار حتى يُسلموا أو يعطوا الجزية، مثل قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: ٥]، وقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ﴾ [التوبة: ١٢٣]، وقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ [التوبة: ٧٣]، وقوله: ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [التوبة: ٢٩]، وقوله *: (( أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة )) الحديث، رواه البخاري (٢٥) ومسلم (١٢٩)، وفي صحيح مسلم (٤٥٢٢) عن بريدة بن الحصيب قال: (( كان رسول الله * إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله - عز وجل - ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله ))، وفيه أنهم يُدعَون إلى الإسلام، فإن أبَوا طُلب منهم دفع الجزية، فإن أبَوا قوتلوا.


الصفحة التالية
Icon