عيسى ابن مريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ في شريعة الإسلام هو عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وهو عبدٌ لا يُعبد، ورسول لا يُكذَّب، وأما اليهود والنصارى فقد فرَّطوا فيه وأفرطوا، فاليهود جفوا وفرَّطوا، إذ وصفوه بأنه ابن زنى، والنصارى أفرطوا؛ حتى غلوا فيه وعبدوه مع الله، وقد خلقه الله - عز وجل - بقدرته من مريم بدون أب، كما خلق آدم من تراب، وخلق حواء من آدم، وخلق سائر بني آدم من ذكر وأنثى، فهذه القسمة الرباعية انحصر فيها خلق البشر، وقد ذكر الله في أول سورة النساء خلق آدم وحواء وبني آدم غير عيسى، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: ١]، وكمل بخلق عيسى من أنثى بلا ذكر القسمة الرباعية لخلق البشر، وليس بغريب خلْق عيسى من أنثى بلا ذكر، فإنه دون خلق آدم من غير ذكر وأنثى، ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِن مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [آل عمران: ٥٩]، فخلْق عيسى كان بـ (كن)، كما أن خلْق آدم كان بـ (كن)، وهذا الذي جاء في شريعة الإسلام عن خلق عيسى هو الحق بلا امتراء، ولهذا قال: ﴿ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [آل عمران: ٦٠]، وقال في سورة مريم: ﴿ ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [مريم: ٣٤ ـ ٣٥].