دلّت هذه الآية على أن المسلم المتصدّق ينفق مما يحبه ويعجبه، ولا يعمد إلى الإنفاق من الرديء، ومثل هذه الآية قوله - عز وجل - :﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [الإنسان: ٨ ـ ٩]، وقوله: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى ﴾ الآية، وقال الله - عز وجل - :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ﴾ [البقرة: ٢٦٧]، قد دلّت هذه الآية على أن المسلم يتصدّق مما رزقه الله من طيب المكاسب والثمار، وليس من الخبيث الذي هو الرديء الذي لا يعجبه أن يعطى إياه، ولو أخذه أخذه بإغماض وحياء، فيعامل الناس بمثل ما يحب أن يعاملوه به، والخبيث يطلق على الحرام وعلى الرديء مما هو حلال، وهو المراد بالآية.
ومن إطلاق الخبيث على الرديء قوله *: (( كسب الحجام خبيث )) رواه مسلم (٤٠١٢)، ويدل لكون المراد بالخبيث في هذا الحديث الرديء، قول ابن عباس >: (( احتجم النبي * وأعطى الذي حجمه، ولو كان حراماً لم يعطه )) رواه البخاري (٢١٠٣) واللفظ له، ومسلم (٤٠٤٢).


الصفحة التالية
Icon