وأصحاب رسول الله * أسبق الناس إلى كل خير وأحرصهم على كل خير، ولهذا كانوا ينفقون من أحب أموالهم إليهم، قال أنس بن مالك >: (( كان أبو طلحة أكثر أنصاريٍّ بالمدينة نخلاً، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، فلما نزلت ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾، قام أبو طلحة فقال: يا رسول الله! إن الله يقول: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ وإن أحب أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. قال رسول الله *: (( بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين ))، قال أبو طلحة: أفعلُ يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه )) رواه البخاري (٤٥٥٤)، ومسلم (٢٣١٥).
وعن ابن عمر { :(( أن عمر بن الخطاب أصاب أرضاً بخيبر فأتى النبي * يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله! إني أصبت أرضاً بخيبر، لم أصب مالاً قط أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: (( إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها )). قال: فتصدّق بها عمر )) الحديث، رواه البخاري (٢٧٣٧) ومسلم (٤٢٢٤).
والبر في الآية فُسِّر بالجنّة، حكاه القرطبي عن ابن مسعود وابن عباس، وعطاء ومجاهد وعمرو بن ميمون والسّدي، وقال: فالمعنى: لن تصلوا إلى الجنّة وتعطَوها حتى تنفقوا مما تحبون.