قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في كتابه أضواء البيان عند تفسير هذه الآية: (( اعلم أن جمهور العلماء على أن المراد بالوسيلة هنا هو القربة إلى الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمد * بإخلاص في ذلك لله تعالى؛ لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضا الله تعالى، ونيل ما عنده من خير الدنيا والآخرة، وأصل الوسيلة الطريق التي تقرب إلى الشيء، وتوصل إليه، وهي العمل الصالح بإجماع العلماء؛ لأنه لا وسيلة إلى الله تعالى إلاّ باتباع رسوله *، وعلى هذا فالآيات المبينة للمراد من الوسيلة كثيرة جداً، كقوله تعالى: ﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: ٧]، وقوله: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [النور: ٥٤]، إلى غير ذلك من الآيات، وروي عن ابن عباس ﴿ أن المراد بالوسيلة: الحاجة. وقال: (( وعلى هذا القول الذي روي عن ابن عباس فالمعنى: { وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ واطلبوا حاجتكم من الله؛ لأنه وحده هو الذي يقدر على إعطائها. ومما يبيّن معنى هذا الوجه قوله تعالى: ﴿ إِن الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ ﴾ الآية، وقوله: ﴿ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ الآية، وفي الحديث: (( وإذا سألت فاسأل الله )).


الصفحة التالية
Icon