دلت هذه الآية على أن الكفار مخلدون في نار جهنم إلى غير نهاية، وأنهم يريدون الخروج منها ولا يحصل لهم ذلك، بل هم باقون في العذاب الدائم الذي لا انقضاء له ولا نهاية. وقد جاء في هذه الآية الكريمة قوله: ﴿ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا ﴾، وجاء في سورة الحجر قوله عن أهل الجنّة: ﴿ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾ [الحجر: ٤٨]، لأن الكفار يريدون الخروج ولا يحصل لهم ما أرادوا، وأما أهل الجنّة فهم لا يريدون الخروج، ويخشون من الإخراج، فلهذا قال: ﴿ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾، روى الترمذي في جامعه (٢٥٥٧) بإسناد حسن من حديث أبي هريرة >وفيه: (( فإذا أدخل الله أهل الجنّة الجنّة وأهل النار النار، قال: أتي بالموت ملبباً، فيوقف على السور الذي بين أهل الجنّة وأهل النار، ثم يقال: يا أهل الجنّة، فيطّلعون خائفين، ثم يقال: يا أهل النار، فيطّلعون مستبشرين يرجون الشفاعة، فيقال لأهل الجنّة وأهل النار: هل تعرفون هذا؟ فيقولون هؤلاء وهؤلاء: قد عرفناه، هو الموت الذي وكّل بنا، فيضجع فيذبح على السور الذي بين الجنّة والنار، ثم يقال: يا أهل الجنّة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت )).
ففيه خوف أهل الجنّة واستبشار أهل النار حين ينادَون.
ومن الآيات الدالة على خلود أهل النار فيها خلوداً مؤبداً إخباره تعالى بكون أهل النار خالدين فيها أبداً في سورة النساء والأحزاب والجن، وقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ﴾ [فاطر: ٣٦]، وقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ﴾ [النساء: ٥٦].


الصفحة التالية
Icon