٣ـ المشهور عند كثير من العلماء في معنى هذه الحروف قولهم: الله أعلم بمراده بذلك، وقد جاء التنويه بالقرآن بعد ذكر هذه الحروف في جميع السور المفتتحة بالحروف المقطعة إلاَّ في ثلاث سور هي: مريم والعنكبوت والروم، وقد جاء التنويه بالقرآن فيها في آخر مريم والروم وفي أثناء العنكبوت، فيُفهم من ذلك الإشارة إلى إعجاز القرآن، ووجه ذلك أن القرآن مؤلَّف من الحروف التي يؤلِّف الناس منها كلامهم، ومع ذلك فإنهم لا يستطيعون أن يؤلِّفوا من هذه الحروف كلاماً مثل هذا الكلام، قال ابن كثير في تفسيره في أول سورة البقرة بعد أن ذكر أقوالاً في المراد بالحروف المقطعة، قال: (( وقال آخرون: بل إنما ذُكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذُكرت فيها بياناً لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها، وقد حكى هذا المذهب الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين، وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا، وقرّره الزمخشري في كشافه ونصره أتم نصر، وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي وحكاه لي عن ابن تيمية )) إلى أن قال: (( قلت: ولهذا كل سورة افتُتحت بالحروف فلابد أن يُذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء، وهو الواقع في تسع وعشرين سورة، ولهذا يقول تعالى: ﴿ الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ )) إلى أن قال: (( وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن النظر، والله أعلم )).
ـ قوله: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾.