وقد ذكر نديم إلياس(١) أساليب الافتراء على النص القرآني من خلال الترجمة مع بيان أمثلة لها من واقع الحياة في ألمانيا، أكتفي هنا بذكر بعض طرقها، وهي الاقتباس الجزئي المخل للصورة الشاملة، ونزع آيات من سياقها العام أو الخاص، ومنها استنتاج حكم عام من آيات مخصصة للحكم، ومنها أيضاَ تجاهل أسباب النزول والناسخ والمنسوخ. هذا وقد أدت تلك الترجمات المغلوطة إلى تجديد الشبهات حول الإسلام والقرآن، والتي تدور مجملها حول آيات الجهاد والقتال في القرآن، وأحكام المرأة في القرآن ونظرة القرآن للآخر وموضوع حرية العقيدة والتسامح.
ولا نريد أن نخوض في الرد على تلك الشبهات، فالمكتبة الإسلامية غنية في هذا الباب والنص القرآني معبر عن نفسه في هذه القضايا بمعان واضحة الدلالة، كما أن تاريخ المسلمين في مجدهم حقيق بالرد على هذه الشبهات وتفنيدها، فقط ما أردناه هو محاولة توضيح أثر الترجمة المغلوطة وسوء التعامل مع النص القرآني في رسم صورة مشوهة للآخر، ومن ثم وجوب التعامل بحذر مع نص القرآن الكريم وترجمة معانيه وكيفية توظيف العلوم الدينية والدنيوية لخدمة كتاب الله تعالى وفهمه، والسؤال الآن هل من سبيل إلى هذا؟
هذا ما تحاول الدراسة التي بين أيدينا الإجابة عنه من خلال وصل النظرية بالتطبيق وتوضيح إلى أي مدى يمكن الاستفادة من نظريات الترجمة الحديثة مثل النظرية الوظيفية، ونظرية النص في ترجمات معاني القرآن الكريم مع مراعاة خصوصية النص من القداسة والجمال، ولا سيما أن أغلب مترجمي معاني القرآن الكريم باللغة الألمانية – مع دقة بعضهم – لا ينتمون إلى حقل الترجمة بالمعنى الأكاديمي العلمي.

(١) نديم إلياس: ترجمة معاني القرآن الكريم والتحديات المعاصرة، في ندوة: ترجمة معاني القرآن الكريم _ تقويم للماضي وتخطيط للمستقبل، الفترة من ٢٣ إلى ٢٥ أبريل ٢٠٠٢م، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، ص ١٨ وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon