ولكن ما الذي يمكن أن تعنيه هذه النظرية فيما يتعلق بموضوعنا وهو ترجمات معاني القرآن الكريم؟
نقول: إننا يمكن أن نستفيد من هذه النظرية في ترجمة معاني القرآن الكريم؛ إذ إن النص القرآني وهو كلام الله تعالى المنزل على رسوله محمد (صلى الله عليه وسلم) يحتوي على نصوص متنوعة ذات وظائف مختلفة(١)، منها ما يركز على الجانب الإخباري أو التعبيري ومنه نصوص داعية ومحفزة على شيء ما، ويدخل في تلك الوظائف الوظيفة الجمالية التي قال بها ياكبسون (Jakobson)، وعلى مترجم معاني القرآن الكريم أن يفرق بداية بين تلك الوظائف ويحدد على أساسها طريقتها في الترجمة، ولكن على المترجم أن يعلم أنه ليست ثمة وظيفة من تلك الوظائف يمكن أن تظهر بمعزل عن الوظائف الأخرى، ومن ثم فعليه أن يتحرى الوظيفة المهيمنة على النص القرآني ليبني عليها طريقته في الترجمة.
والوظيفة المحفزة والإخبارية تهيمن على أغلب النص القرآني؛ لأن الله - سبحانه تعالى – يخبر عباده في القرآن الكريم بما كان وما يكون ليحفزهم للعمل الصالح ويحذرهم من سوء العمل لينالوا الجنة برحمته يوم القيامة. وتتجلى هذه الوظيفة مثلاً في النص القرآني في آيات الوعد والوعيد وآيات القصص القرآني كما تظهر الوظيفة الجمالية للغة في آيات القرآن المكية، ولا سيما آيات الإيقاع اللفظي والمعنوي، وقريب من تقسيم النص القرآني وفق الوظيفة اللغوية تقسيم ابن خلدون لنصوص القرآن الكريم وقوله بتنوع أساليب القرآن، من حيث الأسلوب الخطابي والجدلي والفلسفي داخل النص القرآني.