وقد اخترت هذه السورة لمنزلتها من القرآن الكريم ولقصرها وعمق معانيها، وأنها احتوت - في نظرنا - على الوظائف اللغوية المتنوعة الإخبارية والتعبيرية الجمالية والمحفزة وهو الشاهد في الموضوع، فكونها إخبارية من حيث إنها تخبر في متنها عن وحدانية الله وكمال صفاته تعالى، وكون الوظيفة هنا تعبيرية جمالية يظهر في جمال اللغة ومناسبة اللفظة والمقومات البديعية الأخرى، مثل: اتحاد نهايات الآيات بحرف الدال وقلقة الحرف عند الوقف، وما يحدثه من أثر في نفسية المتلقي، وكذلك تظهر الوظيفة المحفزة من خلال رسالة الله تعالى للمتلقي أن يوحده وألا يجعل لله شريكاً ولا يتخذ من دونه ولداً ولا نداً.
ولو حاولنا أن نختبر ترجمة هذه الوظائف في الترجمات السابقة في ضوء نظرية النص لوجدنا أنهم اشتركوا في ترجمة الوظيفية الإخبارية على اختلاف بينهم، فبينما اكتفى هيننج وتسيركر بتوصيل المضمون عن طريق العرض الموضوعي البسيط، بالغ باريت في عرض المضمون حتى كاد يضيعه، كذلك فإن الوظيفة المحفزة غابت في ترجمة باريت بسبب هذا الإطناب في ترجمة الوظيفة الإخبارية وتكاد تتطابق ترجمة هيننج وتسيركر في الوضوح، أما ما يتعلق بالوظيفة الثالثة وهي الوظيفة التعبيرية الجمالية فتكاد تختفي عند الجميع وخصوصاً عند باريت حيث لا أثر لها، حيث إنه اختزل الوظائف الثلاث في الوظيفة الإخبارية، ظناً منه أن وظيفة اللغة هنا هو مجرد إيراد أكبر قدر من المعاني المختلفة للنص، وفاته أن الرمز اللغوي ذاته - أي جمالية اللفظ- هو جزء من المعنى عندما يتعلق الأمر بالجانب التعبيري للغة.
ولو أردنا مثالاً واضح الدلالة لدقة ترجمة الوظيفة التعبيرية بجانب الوظائف الأخرى في هذه السور، لكانت ترجمة فريدريش ريكارت (Friedrich Rückert)(١):
Sprich: Gott ist ﷺ iner.
Ein ewig reiner
Hat nicht gezeugt und ihn gezeugt hat
keiner

(١) قارن أيضاً:
Kemani، ٢٠٠٠، S. ١٥٠ f


الصفحة التالية
Icon