نقول: إننا يمكننا الاستفادة من هذه النظرية بما يمكننا من الوصول إلى القارئ والمتلقى الألماني في لغته وفكره لتقريب المعنى القرآني، ومن ثم رسالة الإسلام باللغة والطريقة التي تتناسب معه، ونقول: إنه يجب علينا ألا نطلب من المترجم أكثر مما ينبغي، ونحمله ما لا يستطيع، فهو مهما أوتي من ملكة ومهارة فلن يستطيع أن يوصل كل ما في القرآن من لغة ومعنى وأثر للمتلقي في اللغة الهدف، وهذه حكمة الله التي أرادها لكتابه لكي يبقى معجزاً في مبناه ومعناه.
إن كان الأمر كذلك فلماذا يضع أغلب مترجمي معاني القرآن على عاتقهم مهمة نقل كل ما في النص القرآني من خصائص لغوية وأسلوبية من تقديم وتأخير ومؤثرات صوتية وبلاغية ودقائق وفروع؟ إنها لم ولن يصل إليها مجتمعة أي مترجم، فهذه أمور تختلف من اللغة العربية إلى غيرها من اللغات كاللغة الألمانية مثلاً.
إنني لا أقصد إهمال ذلك في الترجمة، وإنما أرى أن ننظر إلى الوظيفة والغرض (Skopos) من هذا، ونحاول نقلهما إلى اللغة الهدف ومخاطبة هؤلاء المتلقين في فكرهم قبل لغتهم بما لا يتعارض وأصول القرآن، وترك الدقائق ليحددها إمكان النقل في كل لغة حسب ما تقتضيه اللغة الهدف، فإن كان التعبير بالألمانية يوفي جميع هذه الدقائق الأسلوبية فبها ونعمت، وإلا فلينصرف المترجم إلى نقل الرسالة القرآنية والمعنى الجميل والأثر الطيب لكلام الله تعالى في اللغة الهدف ليتحقق في النص المترجم جودة النص وفعاليته وملاءمته للمقام، وهي العناصر التي تحدد معايير الحكم على النص في علم لغة النص الحديث(١).

(١) قارن معايير الحكم على النص عند: تعالىe رضي الله عنeaugrande/ تعالىressler١٩٨١، S. ١٤.


الصفحة التالية
Icon