ولعل أبرز دليل على أن عدم كتابة المعوذتين في مصحف ابن مسعود لا تعني عدم حفظه لهما أن الفاتحة هي بدورها ليست في مصحفه، فهل يعقل أن ينكر ابن مسعود السورة التي لا صلاة لمن لم يقرأ بها.
فالمستشرقون إذن بالرغم من اقتناعهم بتواتر جميع سور القرآن جيلاً بعد جيل، ولاسيما أن التاريخ لم يذكر لنا تبني أية طائفة من المسلمين لهذا الرأي الباطل المنسوب إلى ابن مسعود، فإنهم يسعون إلى التشكيك فيما هو قطعي ومتواتر، وتنطق به ملايين النسخ من المصاحف المطبوعة في مختلف بقاع العالم. إضافة إلى خصيصة الحفظ في الصدور التي تميز الأمة الإسلامية، والتي تؤكد أن حفظ القرآن عن ظهر قلب بالسند المتصل إلى رسول الله ﷺ أكبر دليل على موثوقية النص القرآني وحفظه من كل زيادة أو نقصان.
المبحث الثاني: منهج الانتقاء في استعمال المصادر
لا شك أن فعالية المنهج المتبع في أية دراسة، تتوقف على قيمة المصادر والروافد المعتمدة؛ إذ هي القاعدة المغذية والمادة الخام التي ترتكز عليها الدراسة، فكلما كانت المصادر رئيسة وأصيلة وذات علاقة مباشرة بالموضوع، كانت الدراسة أقرب إلى حصول المراد المنشود والمبتغى المقصود من طرف الباحث.
وفي إطار البحث الاستشراقي يتبين أن المنهج المتبع في انتقاء المصادر المعينة على بحث الموضوعات المرتبطة بالقرآنيات يتنوع ويختلف تبعاً لطبيعة الموضوعات المطروقة من جهة، ولمدى موضوعية المستشرق وأمانته العلمية أو حياده على الأقل في توظيف تلك المصادر والنقل عنها من جهة ثانية.