ومما لاشك فيه أن الأحكام التعسفية المرتبطة بهذا المنهج تكون حاضرة في كتابات المستشرقين كلما وجد تشابه بين الموضوعات القرآنية والموضوعات المبثوثة في الإنجيل أو التوراة. وهكذا تكون القصص القرآنية مأخوذة _ في زعمهم _ عن القصص اليهودية والنصرانية. فرجيس بلاشير _ على الرغم من اعتداله في أحكامه _ يتحدث في كتابه ((معضلة محمد))(١) عن مصدر القصص القرآنية ذاكراً بالخصوص أنَّ مما لفت انتباه المستشرقين التشابه الحاصل بين هذه القصص والقصص اليهودية والنصرانية فيقول مثلا: ((إن التأثير النصراني كان واضحاً في السور المكية الأولى؛ إذ كثيرا ما تكشف مقارنة بالنصوص غير الرسمية كإنجيل الطفولة الذي كان سائداً في ذلك العهد عن شبه قوي)) ويعرض في هذا الصدد آراء بعض الباحثين مبيناً رأيه فيما يستنتج من العلاقات المستمرة التي كانت تربط بين مؤسس الإسلام والفقراء النصارى بمكة حسب زعمه.
ويذهب بعض المستشرقين إلى أن كثيراً من الأعلام الواردة في القرآن ذات أصل عبراني، حتى إن أحدهم وهو المستشرق الفرنسي اليهودي أندري شوراكي ﷺ.Chouraqui قد أصدر منذ أكثر من عشر سنوات ترجمة لمعاني القرآن انتقدها المستشرقون قبل غيرهم من المسلمين، وقد احتفظ فيها بالأصول العربية لبعض الألفاظ من غير ترجمة؛ إمعاناً منه في بيان أصلها العبراني كما يزعم (٢).
كما أنه يعطي كثيراً من الألفاظ القرآنية دلالات غريبة باللغة الفرنسية، وعند البحث العميق يتبين أن الرجل يريد القفز على المعاني المعروفة والمتداولة - والتي اتفق عليها مترجمو معاني القرآن - إلى معان شاذة هي في الأصل إحدى المعاني اللغوية لأصل اللفظة، لكن لا يصلح استعمالها لكي تؤدي وظيفة الترجمة المناسبة للفظة القرآنية.
(٢) Le Coran: L'Appel، traduction de ﷺndré Chouraqui، ed Robert Laffont – Paris ١٩٩١.