إن شوراكي يذهب في مقدمة ترجمته لمعاني القرآن التي تقع في ثلاث وعشرين صفحة إلى أن لغة القرآن تكاد تكون أقرب إلى العبرية التوراتية منها إلى العربية المعاصرة (١)، وهو في ذلك يرمي بشكل غريب إلى أن معظم الألفاظ القرآنية لها ما يقابلها في لغته الأم، وبالتالي فإن مصدر القرآن الرئيسي هو التوراة، وهذا ما يبالغ في تأكيده في تعليقاته وحواشيه الكثيرة التي يمكن القول بأن معظمها إنما وضع أساساً لبيان أصول الألفاظ القرآنية – حسب زعمه - في التوراة (٢).
فعبارة (رب العالمين) يترجمها بـ Rabb des univers فيترك لفظة Rabb كما هي، لأنها تعني في العربية - كما يقول - نفس ما تعنيه في العبرية، ولفظة الشيطان يتركها كما هي Shaitan ويقول إنما هي مرادفة للمعنى التوراتي.
ولفظة الأمن يترجمها شوراكي بـ L’amen وهي - كما يقول - لفظة (توراتية) تدل على الملجأ والملاذ، ولذلك ترجم قوله تعالى: ژ ؟ ؟ ؟ ژ [البقرة: ١٢٥ ] بقوله en lieu de retour et d'amen ولاشك أن القارئ الذي يجهل أصل كلمة amen التوراتي لا يستطيع أن يربط بين المعنيين.
إن هذا المنهج الذي يجعل القرآن متأثراً ومقتبساً من التوراة والإنجيل، ينفي بطبيعة الحال كل أصالة للدين الإسلامي ولربانية المصدر القرآني. والمستشرقون عندما يطبقون هذا المنهج على القرآن فإنهم يرجعون أسسه ومبادئه ومضامينه إلى أصول يهودية ونصرانية.

(١) مقدمة الترجمة ص ١٨.
(٢) لما كان المترجم يتوقع استغراب القارئ أشار في مقدمته (ص ١٦) إلى بعض النماذج في محاولة منه للإقناع بجدوى ذلك وأهميته، وقد وقف عند الألفاظ: درس-رحم- فاطر- زكاة – صيام - وغيرها.


الصفحة التالية
Icon