فهذا المستشرق المجري إجناس جولدزيهر I.Goldziher (ت١٩٢١م) يقول بشيء من التحايل والدهاء وهو يحاول النفاذ إلى القرآن بحثاً عن عناصر أجنبية يشده بها إلى أصولها المدعاة: ((القرآن مصدق لما سبق من الرسالات الدينية، وقد استصفى منها بعد فترة من الرسل ما هو من جوهر الدين)). ثم يحاول أن يعتسف من الأدلة ما يعزز دعواه فيقول: ((شعيرة الصلاة التي كانت بصورتها الأولى من قيام وقراءة وبما فيها من ركوع وسجود وبما يسبقها من وضوء تتصل بالنصرانية الشرقية. والصوم الذي جعل أولاً في يوم عاشوراء محاكاة للصوم اليهودي الأكبر، وفيما يتعلق بشعائر الحج التي نظمها الإسلام أو بالأحرى احتفظ بها من بين تقاليد العرب الوثنية جعل محمد ﷺ أهمية كبرى لنية التقوى التي يجب أن تصحب هذه الشعيرة حين يقول: ((لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم))(١).
وهكذا يكون القرآن في نظر هذا المستشرق وغيره من زملائه اليهود قد تأثر بأفكار يهودية تسربت إليه، وتضمن مصطلحات وشعائر دينية يهودية اقتبست من التوراة، كما أن قصص الأنبياء وأسماءهم إنما أخذت عن اليهود، إنهم يريدون أن يلجؤوا إلى هذا المنهج الخطير الذي يزعم تأثر القرآن بغيره من الكتب السماوية لكي ينفوا ربانية المصدر القرآني، ولكي يثبتوا اختراق النصرانية واليهودية على وجه الخصوص للقرآن وتعاليمه.

(١) جولدزيهر، العقيدة والشريعة في الإسلام، ترجمة محمد يوسف موسى وزميليه، طبعة مصر ١٩٤٨م ص ١٧.


الصفحة التالية
Icon