ومن أسباب شهرة الكتاب وتسنُّم صاحبه لمجد أثيل في أوربا – نرى معشر الباحثين المسلمين أنه لا يستحقه- اتِّباع نولدكه لطريقة في التأليف استرعت انتباه زملائه المتخصصين في سائر معاقل الاستشراق في أوربا وأمريكا؛ فقد حرص على إبراز سائر وجهات النظر الثابتة في مسألة من مسائل علوم القرآن؛ معتمداً في ذلك على استقصاء مختلف الآراء من مصادر عربية وأجنبية شهيرة ومغمورة، مخطوطة ومطبوعة على حد سواء، كما أنه اتبع في عملية الاستقصاء والاستقراء، ثم الاستدلال منهجاً أكاديميا صارماً لم يكن معهودا من قبل، وبذلك أمكن القول بأن نولدكه قد وضع منهجاً جديداً في الدراسات القرآنية. لعل أبرز معالمه الرجوع مباشرة إلى المصنفات العربية اللصيقة بمجال القرآنيات، في الوقت الذي كان فيه المنهج الاستشراقي القديم يخلط بين شيء قليل مما هو مبثوث في المصادر، وما كانت تمليه تخيلات وتكهنات المستشرقين.
بيد أن الحقيقة المتمثلة في استعمال نولدكه لأدوات بحث جديدة، ولمنهج صارم في الدراسة والتحليل لا يمكنها أن تحجبنا عن استبصار حقائق أخرى تتمثل في سوء توظيف تلك الأدوات البحثية على نحو مبيَّت، فضلا عن القصور والخلل في المنهج المطروق.