أما فيما يتعلق بجمع القرآن فإن المستشرقين المعاصرين لم يتركوا مرحلة من مراحله الثلاث إلا ونسجوا حولها سياجاً من الافتراءات، فالرسول ﷺ لم يجمع القرآن في مصحف؛ لأنه لم يكن يفكر إلا في الحاضر، ولأنه أيضاً كان يتوقع قرب قيام الساعة فلا داعي إذاً لجمعه (١)، وزيد بن ثابت (رضي الله عنه) لم يكن ذلكم الرجل المؤهل والموثوق بأمانته في مهمة جمع القرآن في عهد أبي بكر (رضي الله عنه)، ومصاحف الصحابة الخاصة التي انفردوا فيها بقراءات شاذة كانت أكبر دليل على عدم تواتر القرآن وموثوقيته إلى غير ذلك من الشبهات (٢).
أما ما وُجِّه إلى زيد بن ثابت من اتهام فلا أساس له من الصحة، إذ لا يخفى مدى ما بلغه من الثقة والضبط منذ أن كان كاتباً للوحي في عهد رسول الله ﷺ إلى أن توفي رضي الله عنه عام (٤٥ه)، وقد شهد كثير من الصحابة بفضله وجلالة قدره.
(٢) يمكن الاطلاع على مثل هذه الشبهات في كتاب نولدكه وكتاب بلاشير ومادة ((قرآن)). في دائرة المعارف الإسلامية، وهي كلها مراجع سبق ذكرها.