فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين الجمع الثاني، يجزم بالثقة العالية التي يضعها فيه الصحابة قائلاً: ((إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم))(١). وعلاوة على ذلك فإن زيداً رضي الله عنه قد شهد العرضة الأخيرة للقرآن في حياته صلى الله عليه وسلم، كما أنه كان من أشهر الصحابة إتقاناً لحفظ القرآن ووعياً لحروفه وأداءً لقراءاته. أما مصاحف الصحابة الخاصة فقد كانت مخالفة لسواد المصاحف التي أجمعت عليها الأمة خلال الجمع العثماني، وكان أصحابها واعين لتلك القراءات الشاذة والتفسيرات المدرجة؛ لأن تلك المصاحف كانت بمنْزلة تقييدات خاصة تتضمن شروحا وتفسيرات، وقد أوضح ذلك ابن الجزري (ت ٨٣٣ه) فقال: ((وربما يدخلون التفسير في القراءات إيضاحاً وبياناً؛ لأنهم محققون لما تلقوه عن النبي ﷺ قرآنا، فهم آمنون من الالتباس وربما كان بعضهم يكتبه معه))(٢).
(٢) الإتقان للسيوطي ١/١٣٤.